فى الممنوع

المدير العام

العقلية
التي أدارت بها الدولة شائعة مرض الرئيس حسني مبارك.. قريبة من العقلية التي
تدير حالياً الأزمة الصحية لقداسة البابا شنودة الثالث.. فالحالة الصحية لقداسة
البابا تستدعي أن يصدر كل أسبوع تقريراً عنها.. يجيب عن التساؤلات التي تطرحها
الناس.. لكن العقلية التي تدير الأزمة لا تجيب عن شيء.. وتكاد تسمع علي لسان
سكرتارية البابا العبارات نفسها: «الحالة مطمئنة.. ومستقرة.. ولا تدعو للقلق»..
ولو تمكنت تلك العقلية من إخفاء الموضوع تماماً.. وإحاطته بالسرية وفرض طوق
حديدي عليها.. ومنعت نشر جميع الأخبار.. لفعلت ذلك بلا تردد.. فهذه هي السياسة
التي تفضلها.. لكن هذا مستحيل.. لأن لقداسة البابا محبين ومريدين وشخصيته لها
أهميتها ومكانتها.. والكل يريد الاطمئنان علي صحته، بأن يعرفوا تفاصيل حالته
الصحية بدقة ومتابعة تلك التفاصيل.

والبابا
شنودة ساهم في رسم هذه الصورة لنفسه.. فهو لا يمرض.. وإذا مرض فالحالة مطمئنة..
وأوامره إلي سكرتاريته هي العودة بأسرع ما يمكن إلي أرض الوطن بعد رحلة علاج
سريعة إلي الولايات المتحدة الأمريكية.. تجري له فيها الفحوصات والتحاليل وما
يلزم من إجراءات صحية.. وفي اليوم التالي يأمر بالعودة إلي القاهرة.

وفي كل
رحلة ذهاب وعودة.. تذهب الوفود إلي مطار القاهرة، وإلي الكاتدرائية لاستقباله..
مع الدعاء له بالشفاء وطول العمر.. وكأن قداسة البابا لا يريد أن يترسخ في أذهان
أحد أنه الرجل المريض، وأنه لا يطيق الابتعاد عن مبني الكاتدرائية في العباسية..
ولا عن درس يوم الأربعاء كل أسبوع.. ولا عن جمهور المستمعين والمصلين.

هذا
الغموض.. وهذه الطريقة في معالجة الحالة الصحية للبابا.. إلي جانب سياسة الكتمان
والنفي.. هي التي جعلت الناس غير مطمئنة وقلقة علي صحة البابا.. وهو مناخ يسمح
بظهور شائعات.. ليست في مصلحة الكنيسة.. ولا البابا.. ولا المحبين والمريدين له.

إنها
سياسة الرجل الواحد.. وعقلية الرجل الواحد.. وهي قائمة في الكنيسة وفي الدولة
المصرية، فالطريقة التي تدار بها الكنيسة هي نفسها التي تدار بها الدولة.. بما
يملكه البابا أو رئيس الجمهورية من سلطات وصلاحيات كبيرة جداً.. وطبيعي في ظل
وضع مثل هذا أن يؤدي الاعتقاد، بأن غياب رأس الكنيسة أو غياب رأس الدولة.. إلي
إصابة أي منهما بالشلل.. وهو كلام سبق لي أن قلته في العديد من المرات.. والعديد
من المناسبات.. ولا جديد فيه.. وكأنني أنفخ في قربة مقطوعة.

الجديد فقط.. هو في أن ملف التوريث غير مفتوح في حالة
الكنيسة المصرية والبابا شنودة.. ومفتوح طوال الوقت علي الجانب الآخر.

» في الممنوع
» في الممنوع
» في الممنوع
» فى الممنوع
» فى الممنوع