فى الممنوع

المدير العام

في
الأسبوع الماضي، وعلي صفحات «المصري اليوم» طلب الدكتور أسامة الغزالي حرب، من
الدبلوماسية المصرية أن تقول «لا» للمشاركة في المؤتمر الدولي للسلام الذي دعا
إليه الرئيس الأمريكي جورج بوش في شهر نوفمبر المقبل.. إذا لم تتوفر الضمانات
اللازمة لنجاح المؤتمر.

ومنذ أيام قال أحمد أبوالغيط وزير الخارجية في تصريحات صحفية إن التحفظات
المصرية علي المؤتمر، لا علاقة لها بمشاركة مصر، أي أن مصر تفصل ما بين مشاركتها
وحضور المؤتمر، وبين تحفظاتها عليه، وهذه التحفظات هي الشرط الذي تضعه السعودية
مثلاً، وعلقت عليه مشاركتها من عدمها، وأعلنت علي لسان وزير خارجيتها سعود
الفيصل أنها تميل أكثر إلي عدم المشاركة لعدم توافر الضمانات اللازمة لنجاح
المؤتمر،

كما
أعلنت سوريا علي لسان الرئيس بشار الأسد أنها هي الأخري لن تشارك إذا لم تدرج
قضية هضبة الجولان علي جدول أعماله، علي اعتبار أنه لا يمكن الحديث عن السلام،
وعن مشاركة سوريا دون الحديث عن احتلال إسرائيل للجولان، وكذلك الفلسطينيون
يميلون إلي اتخاذ نفس الموقف، وهو عدم المشاركة، إذالم يوضع للمؤتمر إطار وجدول
أعمال وفرصة للنجاح..

وليس عقده
للتصوير وتبادل القبلات فقط، وللتغطية الأمريكية علي أجندات أخري تريد تطبيقها
علي المنطقة، مثل أزمتها الحالية مع إيران، ورغبتها في تشكيل جبهة للتحالف ضدها،
بغطاء مصري سعودي في الأساس..

أما
المقابل الذي تحاول واشنطن أن تخدع به العرب فهو إيهامهم بأنها تقوم بدور ما في
تحريك عملية السلام، وفي عودة المباحثات ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو
الأمر، في تقديري، الذي تدركه العواصم العربية جيداً، والذي دعا كلاً من
السعودية وسوريا والسلطة الفلسطينية إلي اتخاذ موقفها من عقد المؤتمر.

إلا مصر، فهي الوحيدة التي تفصل بين التحفظات التي أبدتها حول المؤتمر وبين
المشاركة فيه، وهو تصرف غريب إلي حد كبير، ويسيء إلي مصر ومكانتها، ويوحي بأنها
تريد أن تلعب دوراً، حتي ولو دار هذا الدور في الفراغ.. وحتي لو تأكد لدي جميع
الأطراف المعنية بعملية السلام أن فرص نجاح المؤتمر «زيرو».

لقد حاولت مصر في الأسابيع الماضية حث الأطراف العربية علي المشاركة، ويبدو أنها
نجحت مع الأردن مع العلم بأن الأردن لا يحتاج إلي ضغط ولا إلي إقناع، لأنه جاهز
للقيام هو الآخر بأي دور.. بغض النظر عن النتائج.. فالمهم هو الحضور والمشاركة..
والحصول علي ثمن لهذا الحضور.

ويبدو لي أن الضغوط التي تمارس علي الفلسطينيين والرئيس محمود عباس، سواء
المصرية أو الدولية سوف تسفر عن مشاركة السلطة الفلسطينية في المؤتمر، مهما كانت
تحفظاتها عليه، فقد تعودنا من السلطة الفلسطينية، ومن الرئيس عباس تحديداً علي
تقديم التنازلات.. هذا مع العلم بأن إسرائيل قالت للجميع وبوضوح.. لا تنتظروا
شيئاً من وراء مؤتمر واشنطن ولا تعقدوا الآمال عليه.. ولا تخدعوا أنفسكم..
وتخدعوا شعوبكم معكم.

يبدو لي أيضا أن هناك اتفاقاً بين واشنطن وتل أبيب علي هذا السيناريو.. فواشنطن
لن تمارس ضغوطاً علي إسرائيل لضمان نجاح المؤتمر أو لوضع تصورها لمباحثات جادة
مع الفلسطينيين.. فالمهم هو عقد المؤتمر بأي شكل وتحت أي صورة، لمنح الإدارة
الأمريكية الفرصة والوقت لممارسة ضغوطها علي العواصم العربية للدخول في تحالف
دولي ضد إيران..

ومصر ليست
في حاجة إلي ممارسة ضغوط عليها، فقد رفعت الراية البيضاء منذ البداية، وقالت علي
لسان وزير خارجيتها «أبوالغيط» إنها سوف تشارك والتحفظات التي أبدتها، وتري أنها
ضرورية ولازمة لنجاح المؤتمر، لن تمنعها من الحضور والمشاركة.

يعني إيه؟ يعني أن مصر راغبة في القيام بأي دور والسلام! ليس السلام الذي سوف يتم
بحثه في مؤتمر واشنطن المقبل.. لكنه السلام الذي تحاول مصر أن تقنع نفسها وتقنع
الآخرين بأنها تبذل جهوداً مضنية من أجل تحقيقه.. واللعبة أصبحت مكشوفة ومفهومة
للجميع، والمتبقي فقط منها هو «رفع برقع الحياء».

» فى الممنوع
» في الممنوع
» فى الممنوع
» فى الممنوع
» فى الممنوع